مختصر ابن كثير..
الاية رقم (45 : 47) سورة الأعراف ..
قال عز وجل: "وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ* واذا صرفت ابصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين }
لما ذكر تعالى مخاطبة اهل الجنه مع اهل النار،نبه أن بين الجنه والنار حجابا ، وهو الحاجز المانع من وصول اهل النار الى الجنه ، قال ابن جرير: وهو السور الذي قال اللّه تعالى فيه: {فضرب بينهم بسور له باب} وهو الأعراف الذي قال اللّه تعالى فيه: { وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ }، ثم روى باسناده عن السدي أنه قال في قوله تعالى: { وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ } هو السور وهو الأعراف ، وقال مجاهد: الأعراف حجابا بين الجنه والنار سور له باب. قال ابن جرير: والأعراف جمع عرف، وكل مرتفع من الارض عند العرب يسمى عرفاً، وإنما قيل لعرف الديك عرفاً لارتفاعه. وعن ابن عباس: هو سور بين الجنه والنار، وقال السدي إنما سمي الأعراف اعرافاً لأن أصحابه يعرفون الناس ،واختلفت عبارات المفسرين في أصحاب الأعراف من هم؟ وكلها قريبة ترجع الى معنى واحد، وهو أنهم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم قال بذلك حذيفة وابن عباس وابن مسعود وغير واحد من السلف . وقد جاء في حديث مرفوع رواه الحافظ ابن مردويه عن جابر بن عبد اللّه قال: سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عمن استوت حسناته وسيئاته، قال: (اولئك أصحاب الأعراف لم يدخلوها وهم يطمعون) وقال ابن جرير عن حذيفه أنه سئل عن أصحاب الأعراف، فقال :هم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم، فقعدت بهم سيئاتهم عن الجنه, وخلفت بهم حسناتهم عن النار. قال: فوقفوا هناك على السور حتى يقضي اللّه فيهم.
وعن ابن مسعود قال: يحاسب الناس يوم القيامة، فمن كانت حسناته اكثر من سيئاته بواحدة دخل الجنه, ومن كانت سيئاته اكثر من حسناته بواحدة دخل النار، ثم قرا قول اللّه: {فمن ثقلت موازينه} الايتين، ثم قال:الميزان يخف بمثقال حبة، ويرجح، قال: ومن استوت حسناته وسيئاته كان من أصحاب الأعراف فوقفوا على الصراط ثم عرفوا اهل الجنه واهل النار فاذا نظروا الى اهل الجنه نادوا :سلام عليكم ، واذا صرفواابصارهم الى يسارهم ونظروا الى اهل النار {قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين} تعوذوا باللّه من منازلهم، قال: فاما أصحاب الحسنات فإنهم يعطون نوراً يمشون به بين ايديهم وبإيمانهم ، ويعطى كل عبد يومئذ نوراً، وكل امة نوراً فاذا اتوا على الصراط سلب اللّه نور كل منافق ومنافقة، فما راى اهل الجنه ما لقي المنافقون قالوا :{ربنا اتمم لنا نورنا}، واما
أصحاب الأعراف فإن النور كان بايديهم فلم ينزع ، فهنالك يقول اللّه تعالى: { لم يدخلوها وهم يطمعون } فكان الطمع دخولاً، قال: فقال ابن مسعود أن العبد اذا عمل حسنة كتب له بها عشر، واذا عمل سيئة لم تكتب الا واحدة، ثم يقول: هلك من غلبت احاده عشراته "رواه ابن جرير عن ابن مسعود موقوفاً"،وسئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن أصحاب الأعراف؟ قال: (هم اخر من يفصل بينهم من العباد، فاذا فرغ رب العالمين من الفصل بين العباد، قال: أنتم قوم اخرجتكم حسناتكم من النار، ولم تدخلوا الجنه فانتم عتقائي، فارعوا من الجنه حيث شئتم)" قال ابن كثير: هذا مرسل حسن".